فصل: مقتل ابن مخنف وحرب الخوارج.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مقتل ابن مخنف وحرب الخوارج.

كان المهلب وعبد الرحمن بن مخنف واقفين للخوراج برامهرمز فلما أمدهم الحجاج بالعساكر من الكوفة والبصرة تأخر الخوارج من رامهرمز إلى كازرون وأتبعهم العساكر حتى نزلوا بهم وخندق المهلب على نفسه وقال ابن مخنف وأصحابه خدمنا سيوفنا فبيتهم الخوارج وأصابوا الغرة في ابن مخنف فقاتل هو وأصحابه حتى قتلوا هكذا حديث أهل البصرة وأما أهل الكوفة فذكروا أنهم لما ناهضوا الخوارج اشتد القتال بينهم ومال الخوارج على المهلب فاضطروه إلى معسكره وأمده عبد الرحمن بالخيل والرجال ولما رأى الخوارج مدده تركوا من يشغل المهلب وقصدوا عبد الرحمن فقاتلوه وانكشفوا عنه وصبر في سبعين من قومه فثابوا إلى عتاب بن ورقاء وقد أمره الحجاج أن يسمع فثقل ذلك عليه فلم يحسن بينهما العشرة وكان يتراءف في الكلام وربما أغلظ له المهلب فأرسل عتاب إلى الحجاج يسأله القعود وكان حرب الخوارج وشبيب قد اتسع عليه فصادفا منه ذلك مرقعا واستقدمه وأمره أن يترك العسكر مع المهلب فولى المهلب عليهم ابنه حبيبا وأقام يقاتلهم بنيسابور نحوا من سنة وتحركت الخوارج على الحجاج من لدن سنة ستة وسبعين إلى سنة ثمان وشغل بحربهم وأول من خرج منهم صالح بن سرح من بني تميم بعث إليه العساكر فقتل فولوا عليهم شبيبا واتبعه كثير من بني شيبان وبعث إليهم الحجاج العساكر مع الحرث بن عميرة ثم مع سفيان الخثعمي ثم انحدر ابن سعيد فهزموها وأقبل شبيب إلى الكوفة فحاربهم الحجاج وامتنع ثم سرح عليه العساكر وبعث في أثرهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فهزموهم ثم بعث عتاب بن ورقاء وزهرة بن حوية مددا لهم فانهزموا وقتل عتاب وزهرة ثم قتل شبيب واختلف الخوارج بينهم وقتل منهم جماعة كما يذكر ذلك كله في أخبارهم.

.ضرب السكة الإسلامية.

كان عبد الملك كتب في صدر كتابه إلى الروم: {قل هو الله أحد} وذكر النبي مع التاريخ فنكر ذلك ملك الروم وقال: اتركوه وإلا ذكرناه نبيكم في دنانير بما تكرهونه فعظم ذلك عليه واستشار الناس فأشار عليه خالد بن يزيد بضرب السكة وترك دنانيرهم ففعل ثم نقش الحجاج فيها {هو الله أحد} فكره الناس ذلك لأنه قد يمسها غير الطاهر ثم بالغ في تخليص الذهب والفضة من الغش وزاد ابن هبيرة أيام يزيد بن عبد الملك عليه ثم زاد خالد القسري عليهم في ذلك أيام هشام ثم أفرط يوسف بن عمر من بعدهم في المبالغة وامتحان العيار وضرب عليه فكانت الهبيرية والخالدية واليوسفية أجود نقود بني أمية ثم أمر المنصور أن لا يقبل في الخراج غيرها وسميت النقود الأولى مكروهة إما لعدم جودتها أو لما نقش عليها الحجاج وكرهه وكانت دراهم العجم مختلفة بالصغر والكبر فكان منها مثقال وزن عشرين قيراطا وإثني عشرة قراريط وهي أنصاف المثاقيل فجمعوا قراريط الأنصاف الثلاثة فكانت إثنين وأربعين فجعلوا ثلثها وهو إثنا عشر قيراطا وزن الدهم العربي فكانت كل عشرة دراهم تزن مثاقيل وقيل إن مصعب بن الزبير ضرب دراهم قليلة أيام أخيه عبد الله والأصح أن عبد الملك أول من ضرب السكة في الإسلام.

.مقتل بكير بن وشاح بخراسان.

قد تقدم لنا عزل بكير عن خراسان وولاية أمية بن عبيد الله بن خالد بن أسيد سنة اربع وسبعين وأن بكيرا أقام في سلطان أمية بخراسان وكان يكرمه ويدعوه لولاية شاء من أعمال خراسان فلا يجيب وأنه ولاه طخارستان وتجهز لها فيه بجير بن ورقاء فمنعه ثم أمره بالتجهز لغزو ما وراء النهر فحذره منه بجير فرده فغضب بكير ثم تجهز أمية لغزو غارا وموسى بن عبد الله بن حازم لترمذ واستخلف ابنه على خراسان فلما أراد قطع النهر قال لبكير: إرجع مرو فأكفنيها فقد وليتكها وقم بأمر ابن حازم فإني أخشى أن لا يضبطها فانتخب من وثق من أصحابه ورجع وأشار عليه صاحبه عتاب بأن يحرق السفن ويرجع إلى مرو فيخلع أمية ووافقه الأحنف بن عبد الله العنبري على ذلك فقال لهم بكير: أخشى على من معي قالوا نأتيك من أهل مرو بمن تشاء قال: يهلك المسلمون قال ناد في الناس برفع الخراج فيكونون معك قال فيهلك أمية وأصحابه قال لهم عدد وعدد يقاتلون عن أنفسهم حتى يبلغوا الصين فأحرق بكير السفن ورجع إلى مرو فخلع أمية وحبس ابنه وبلغ الخبر أمية فصالح أهل الشام بخارى ورجع وأمر باتخاذ السفن وعبر وجاءه موسى بن عبد الله بن حازم من مددا له وبعث شماس بن وبعث شماس بن ورقاء في ثمانمائة في مقدمته فبيته بكير وهزمه فبعث مكانه ثابت بن عطية فهزمه ثم التقى أمية وبكير فاقتتلوا أياما ثم انهزم بكير إلى مرو وحاصره أمية حتى سأل الصلح على ولاية ما شاء من خراسان وأن يقضي عنه أربعمائة ألف دينه ويصل أصحابه ولا يقبل فيه سعاية بجير فتم الصلح ودخل أمية مدينة مرو وأعاد بكيرا إلى ما كان عليه من الكرامة وأعطى عتاب العدابي عشرين ألفا وعزل بجير عن شرطته بعطا بن أبي السائب وقيل إن بكيرا لم يصحب أمية إلى النهر وإنما استخلفه على مرو فلما عبر أمية النهر خلع وفعل ما فعل ثم إن بجيرا سعى بأمية بأن بكيرا دعاه إلى الخلاف وشهد عليه جماعة من أصحابه وأن معه إبني أخيه فقبض عليه أمية وقتله وقتل معه إبني أخيه وذلك سنة سبع وسبعين ثم عبر النهر لغزو بلخ فحصره الترك حتى جهد هو وعسكره وأشرفوا على الهلاك ثم نجوا ورجعوا إلى مرو.